من الكاتب محمد القوضاضي

في مشهد إنساني نادر يعكس يقظة الضمير العالمي، أعلن أكثر من ألفي قارئ وناشط إيطالي مشاركتهم في إضراب رمزي عن الطعام، احتجاجًا على الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على أيدي قوات الاحتلال، في ما بات يُوصف من قبل العديد من المفكرين والحقوقيين بأنه سلوك “نازي جديد” يرتكب بحق شعب أعزل.

هذا الإضراب، الذي يتم بالتناوب بين المشاركين، يهدف إلى تسليط الضوء على المأساة المستمرة في غزة، والتي راح ضحيتها آلاف المدنيين، من بينهم أطفال ونساء وكبار سن، تحت وابل القصف والحصار والتجويع، وسط صمت دولي مخزٍ ومواقف سياسية متواطئة أو عاجزة.
المبادرة انطلقت من ضمير قرّاء وناشري الثقافة والكتب في إيطاليا، الذين اختاروا الكلمة والموقف كوسيلة للضغط وكسر جدار التواطؤ والصمت. وهي ليست سوى جزء من سلسلة من الفعاليات التي تشهدها أوروبا والعالم، حيث بدأت أصوات الشعوب تتعالى من أجل وقف آلة القتل والتدمير، والمطالبة بحماية الشعب الفلسطيني، وفتح تحقيقات دولية في جرائم الحرب المرتكبة.

هذا الشكل الرمزي من المقاومة المدنية يعبّر عن إيمان عميق بأن الكلمة والموقف يمكن أن يكون لهما وزن في ميزان العدالة، وأن الشعوب قادرة على التأثير حين تتحرك، حتى ولو ظلّت الحكومات ساكنة أو متواطئة.

إنّ ما يحدث في غزة ليس “نزاعًا” عاديًا، بل هو كارثة إنسانية وإبادة ممنهجة. والتاريخ سيسجّل من وقف مع الضحايا ومن صمت عن الجريمة.
نحن بدورنا نحيي هذا الموقف الشجاع للقرّاء الإيطاليين، وندعو كل شعوب العالم، مثقفيه وناشطيه، إلى التعبير عن تضامنهم مع غزة، بكل الوسائل الممكنة: بالكلمة، بالموقف، بالضغط، وبكسر حاجز الخوف والصمت.

غزة اليوم تمثل وجه الضحية في هذا العالم، وصوتها يحتاج لمن يُنصت، ويتحرك.