الزلزال الأخير:

مأساة تُعيد رسم ملامح التضامن والصمود في الحوز جنوب المغرب

الزلزال الأخير الذي اجتاح عدة مناطق من “الحوز” في جنوب بلاد المغرب لم يكن مجرد هزة أرضية عابرة، بل كان تجربة إنسانية قاسية تركت أثراً عميقاً في حياة آلاف الأشخاص. وبينما تعمل السلطات جاهدة على إعادة تأهيل البنية التحتية، يظل تضامن السكان والمجتمع المدني هو السمة البارزة في المشهد، حيث أظهر الناس قوة تكاتفهم في مواجهة المحنة.

الدمار الشامل وتأثيره على السكان

لم يميز الزلزال في طريقه بين المنازل والطرقات والمحاصيل، بل دمر كل شيء أمامه، تاركًا سكان المناطق المتضررة في صدمة وذهول. في دواوير الحوز، حيث تضررت القرى الصغيرة بشدة، تحكي فاطمة، البالغة من العمر 50 عامًا، كيف انهار منزلها في غضون دقائق قليلة، قائلةً والدموع تملأ عينيها: “فقدت كل شيء، ولكن ما يخفف عني هو رؤية الجميع يساعدون بعضهم البعض. أناس يأتون من مدن بعيدة إلى قريتنا لمساعدتنا في إعادة البناء. نحن شعوب بسيطة ندعم بعضنا البعض“.

روح التضامن والعمل الجماعي

مع الساعات الأولى بعد الكارثة، لم ينتظر سكان القرى وصول المساعدات الرسمية، بل بدأوا بأنفسهم عمليات البحث والإنقاذ. كان الشباب، مثل يوسف البالغ من العمر 20 عامًا، في طليعة المتطوعين، حيث قاموا بالبحث تحت الأنقاض لإنقاذ الجرحى وانتشال العالقين. إلى جانب ذلك، لم تبق النساء مكتوفات الأيدي، بل شاركن في التنظيف وجمع التبرعات، حيث نظمن حملات لجمع الملابس والطعام للمحتاجين. يقول يوسف بينما يوزع علب الحليب والخبز على العائلات المنكوبة: “إنه أكثر من مجرد تضامن، إنه مسألة إنسانية. نشعر بأننا أقوى معًا“.

التضامن يتجاوز الحدود الجغرافية

لم تقتصر جهود الإغاثة على سكان القرى المتضررة فقط، بل امتدت إلى جميع أنحاء البلاد. المواطنون من المناطق الأقل تضرراً توافدوا إلى الحوز حاملين المساعدات الإنسانية، في مشهد يعكس القيم العريقة للمجتمع. بعيدًا عن عدسات الكاميرات، يعمل العشرات من المتطوعين كأبطال مجهولين، يسابقون الزمن لتقديم الدعم الأساسي للأسر المتضررة، في تجسيد حقيقي لقوة التضامن الإنساني.

ما وراء الكارثة: دروس وإصلاحات ضرورية

يرى الخبراء أن هذه الكارثة لم تكشف فقط عن الحاجة الماسة إلى دعم فوري، بل سلطت الضوء أيضًا على تحديات أوسع مثل تأثير تغير المناخ، وضعف البنية التحتية، وضرورة تحسين استراتيجيات إدارة الكوارث الطبيعية. فبعض المناطق، رغم تعرضها لمخاطر طبيعية متكررة، ما زالت تفتقر إلى خطط إجلاء فعالة وإجراءات وقائية كافية. ومن هنا، باتت المطالب تتزايد لتحسين أنظمة الاستجابة السريعة وتعزيز إجراءات الأمان في المستقبل.

الأمل في المستقبل: نحو إعادة البناء بروح جديدة

ورغم فداحة الخسائر، تبرز هذه المحنة كمحطة لإعادة التفكير في مستقبل المناطق المتضررة، ليس فقط من حيث إعادة إعمار المباني، ولكن أيضًا في تعزيز الروابط المجتمعية. في مثل هذه اللحظات، لا تُقاس قوة الشعوب فقط بقدرتها على البناء مجددًا، بل أيضًا بروح التكافل والصمود التي تجعل من المحن فرصًا للتغيير الإيجابي. وكما تقول فاطمة: “قد نخسر البيوت، ولكن لا يمكن أن نخسر إنسانيتنا“.

إن هذه المأساة هي بلا شك تحدٍ، لكنها في الوقت ذاته فرصة لتعزيز التضامن والتفكير في مستقبل أكثر أمناً. وبينما سيتم قريبًا إعادة بناء القرى، فإن الروابط الإنسانية التي نشأت وسط الكارثة ستظل حجر الأساس لمستقبل أفضل وأكثر إشراقًا

فيما يلي قائمة بالمصادر المستعملة في المقال مع تواريخ نشرها:

  1. جريدة العلم : 10 شتنبر 2023 مقال يتعلق ب”زلزال الحوز” في جريدة العلم، واحدة من الصحف المغربية البارزة التي تناولت الحدث.
  1. جريدة الاخبار: مقال بعنوان “زلزال.. تضامن لا ينضب معينه في قرية تيفكاغينت بالحوز ” يتناول مظاهر التضامن المجتمعي في مواجهة الكارثة، مع شهادات من السكان والمسؤولين حول جهود الإغاثة والدعم الإنساني (المصدر: الاخبار)19.
  1. مقال آخر بعنوان “مجلس الحكومة يقرر تحويل مشروع المرسوم بقانون بمنح الأطفال ضحايا زلزال الحوز صفة مكفولي الأمة”، نشر بتاريخ 21 سبتمبر 2023، يعرض قرارات حكومية لدعم المتضررين من الزلزال (المصدر: الاخبار 2023.
  1. المقالات الصادرة في بعض الصحف الإلكترونية
  1. بالإضافة إلى تقارير وكالة المغرب العربي للأنباءحول جهود الإنقاذ والمساعدات الحكومية والمجتمعية.